لوحة الفنان معوّل بوشايب.

اللوحة للفنان المغربي: معوّل بو شايب.

الخطاب الأدبي النسائي ومظاهر اختراق المسكوت عنه في التجربة المسرحية.

بقلم الشاعرة المغربية: ليلى ناسيمي.

في المسرح وفي باب السيرة الذاتية نجد أن الفنانة المسرحية التونسية نجوى ميلاد في مسرحيتها الناجحة “للرجال بَركة” التي قدمتها في عروض عديدة في تونس لم تتهيّب من تشخيص نص مونودراما لسيرة امرأة عاشت تجارب عاطفية واجتماعية نهبتها و مزقت روحها. تقدم النفانة  نجوى ميلاد تجاربها على الركح بكل عنف و بكل شفافية وتختار الحكي لتستعرض نماذج من رجال عبروا حياتها، اللافت في تجربة المسرحية نجوى ميلاد انها قدمت على الركح سيرتها الذاتية وتعرت أمام الجمهور لتكشف عن ندوب في روحها وجروح في ذاكرتها و أعطاب في قلبها.

نجوى ميلاد عبّرت وضوحا و ترميزا عن موقفها ورؤيتها للإسلام السياسي ولدولة الخلافة من خلال حديثها عن جهاد النكاح وعن الزواج العُرفي وعن الجنس، تحدثت عن تلك العلاقات الشائكة و الملتبسة بين الذكر و الأنثى في الدولة الدينية.المسرحية نجوى ميلاد لم تخشى من تشخيص جزء مهم من سيرتها العاطفية والاجتماعية دون الخوف من طابو الجنس والدين والسياسة.

مسرحية “للرجال بَركة” رصدت مكنونات الثقافة الذكورية في تونس من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار مما حرك حفيظة المتشددين فتعرضت للعديد من المضايقات كما حصدت عديد الجوائز…في المغرب فرقة أكواريوم أثارت بدورها جدلا ثقافيا واجتماعيا بعرضها مسرحية تتطرق لمسألة الحق في الجسد في علاقة بالقضايا النسائية من خلال مسرحية “ديالي” التي تعني في الدارجة المغربية “الفرج” من خلال سِيَر ثلاث نساء، فاستفزت  بذلك حفيظة المتشددين دينيا وتعرضت المخرجة للعديد من الانتقادات اللاذعة و المواجهات الحادة.

يقول أوغست بوال “أن تكون مواطنا ليس معناه أن تعيش في مجتمع بل معناه أن تعمل على تغيير المجتمع الذي تعيش فيه” مجمل القول، أن المرأة العربية المبدعة ورغم الخوف الذي لا يمنع الموت بقدر ما يمنع الحياة، رغم التهديد ورد فعل المتلقي الذي غالبا ما يكون عنفا رمزيا وماديا أيضا، بمعنى قد يأخذ شكل الشتائم والثلب، ويمكن أن يأخذ أشكال النبذ و اﻻقصاء اﻻجتماعي و الاقتصادي و اﻻعلامي كطريقة لمحاصرة كل تفكير منفلت وكل جرأة في التعبير. وهذا يعني أنه يجب على كل امرأة مبدعة و متحررة أن تخفض جناح الذل أمام التطرف، ولا تتكلم أمام الظلم والتجبّر ولا تواجه الوعي الذكوري الذي يدعّم مكانته بقراءة متخلّفة و متشدّدة للدين اﻻسلامي. لذا المطلوب من كل امرأة ومبدعة- بالنسبة لي – أن تتحمّل مسؤوليتها كمثقفة وتكون صوت المهمّشات و المنسيات و المقهورات و أن تكون المحرار الحقيقي الذي يقيس نبض المجتمع ويكشف عن هنّاته ويسعى إلى تشذيبها وتهذيبها من خلال طرح الأسئلة الحقيقية و تقديم البدائل الثقافية.

*ليلى ناسيمي كاتبة وناشرة من المغرب.

قدمت هذه الشهادة على هامش فعاليات ملتقى المبدعات العربيات بسوسة، تونس سنة 2022  (الدورة 24)، ضمن محور “الثالوث المحرّم في إبداع المرأة العربية”.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You cannot copy content of this page

X