المعجم التربوي( التعليمي) المختص رهانات وآفاق.

الكاتب : خولة قلعةجي.

السؤال الذي يتبادر إلينا مباشرة، ماهو المعجم التربوي وماهو المعجم المختص، وما الفرق بين المعجم العام والمعجم المختص، وما علاقة ذلك بمعجمنا موضوع هذا اليوم الدراسي،  ونحن لسنا في صدد الإجابة ولكن هي محاولة في تبيان الاختصاص الدقيق والهدف العام والهدف النوعي المرتبط بيداغوجياً بالعناصر المتناولة معجم الحيوان، فالهدف العام يتمثل في تأهيل المتلقي إلى تطوير درجة الاستيعاب والأدوات الضرورية التي تمكنه من فهم اللغة العلمية وهو مرتبط بالمحيط الخاص والعام، أما الهدف النوعي فهو نية تبليغ بواسطة إعلان يصف التغيير الذي نرغب في إحداثه لدى المتعلم ويبين التحول الذي يطرأ عليه، وهو ما يشكل مجموعة مكتسبات يتحصل عليها المتلقي من الاطِّلاع على محتوى معين في مجال معين.

     شاعت المعاجم المختصة نظراً لحاجة الناس إليها ومعجم الحيوان للباحث الدكتور فاضل الكثيري،  معجم مختص في موضوع عالم الحيوان ، مرتباً ترتيباً معيناً، ومصحوباً بالتعريفات الدقيقة الموجزة، ومرفقاً  بالصور مطابقة لما هو مكتوب، وتساعد على توصيل المعلومة إلى المتلقي بأفضل صورة ممكنة، وعموما يُعنى المعجم المختص بموضوع خاص مثل ( الفنون ، الفيزياء، الاقتصاد، العلوم…..التراث…. العمارة..)،  وهو موجه للناشئة لغاية تربوية محضة.

هناك عدة أنواع من المعاجم:

  • معجمات المعاني والألفاظ.
  • معجمات الألفاظ.
  • معاجم المعرب والدخيل.
  • معاجم الأمثال.
  • معاجم المفردات.
  • معاجم المصطلحات العلمية والفنية. وهذا لاينفي وجود تسميات أخرى للمعاجم.

وكل نوع يتبع منهجية خاصة بالمجال المعرفي الذي يتطرأ إليه. وهو جامع أيضاً لأهداف عامة ونوعية، فالمعجم والقول لأناتول فرانس.

 “المعجم كتاب في منتهى الجودة بداخله كل الكتب وما عليك سوى استخراجها”.

أيضاً ” حينما نعرف معاني الألفاظ، ثم كيفية استعمالها نكون أكثر حرية، كما نكون أكثر قرباً من الحقيقة”.

    أطلقت كلمة المعجم على الكتاب  الذي يراعى في بنائه، وترتيبه الحروف، وهذا الكتاب يُزيل إبهام المادة المرتبة على حروف المعجم أو يزيل اللبس ويوضح المبهم بما يحتوي عليه من مواد لغوية، ويرى أحمد مختار عمر أن المادة (ع.ج.م)تفيد في اللغة معنى الإبهام والغموض، وإذا أدخلنا عليها الهمزة لتصير أعجم اكتسب الفعل معنى جديداً من معنى الهمزة( أو الصيغة) التي تفيد هنا السلب والنفي والإزالة وعلى هذا يصير معنى أعجم: أزال العجمة أو الغموض أو الإبهام ولهذا جاء لفظ المعجم بمعنى الكتاب الذي يجمع كلمات لغة ما ويشرحها ويوضح معناها بشكل معين.

 

صورة في مدرج ابن خلدون في جامعة الزيتونة بمناسبة تقديم إصدار علمي جديد" معجم الحيوان" .شارك في تقديمه د. ثريا الدبابي، د. محمد التومي، د.خولة قلعةجي.

  لذلك يعتبر المعجم وسيلة تربوية تعليمية تثقيفية، تسهم في تكوين الناشئة وتوجيه أذهانها نحو تخصصات معرفية تحتاجها في بناء مستقبلها، وهو مصدر لاغنى عنه لأي تلميذ او طالب أو مثقف أو باحث، تدفعه الرغبة في معرفة ما يحتويه عالمنا من عوالم أخرى، مثل عالم النبات وعالم الحيوان وعالم البحار والكواكب، بحسب الحاجة أو الإطلاع  والتثقيف الذاتي، والمعجم الذي بين يدينا معجم متخصص في علم الحيوانات يستهدف قرّاءً معينين ويتعامل مع المصطلح بحيوية تضمن استمرارية تطوره، ونستطيع تصنيفه ضمن مجالين اثنين هما علم المعاجم، وعلم صناعتها .

    والمعجمية في العصر الحديث مشغل جوهري من مشاغل مؤسسات علمية وتربوية  رائدة وأساسية، وحسب محمد رشاد الحمزاوي وهو معجمي “المَعجمية نعني بها صناعة المعجم من حيث مادته وجمع محتواه ووضع مداخله وترتيبها وضبط نصوصه ومحتوياته وتوضيح وظيفته العلمية والتطبيقية، أداة ووسيلة يستعان بها في الميادين التربوية والتلقينية والثقافية والحضارية، الاقتصادية والاجتماعية”

وليس من السهل وصف مقدار الصعوبة التي يعانيها الجامع، بسبب سعيه الدؤوب والغور في دهاليز الكتب والمراجع وتشتت المصادر والتثبت من المعلومات بطرق علمية وعملية، فالاختلاف في المناطق الجغرافية واختلاف التسميات للحيوانات، يدعونا لوضع معاجم مختصة توحد الدلالات والمعاني والتسميات، بهدف وضع أساس علمي مشترك بين دول العالم العربي والإسلامي، وهناك من وضع معاجم لدلالات الألفاظ والمعاني المحلية.

 

ويمكن تصنيف معجم الحيوان المختص  ضمن معجمات المعاني أو الموضوعات وهي المعجمات التي تجمع الألفاظ التي تخص موضوعاً معيناً كالإبل أو الحشرات أو أسماء السيف أو أسماء الخيل وألوانها وأصواتها.

بتالف معجم الحيوان من 148صفحة، وهو معجم موسوعي من الحجم المتوسط، موضوعه أنواع الحيوانات، يحتوي على 300 اسم من مملكة  الحيوان مع توصيف دقيق لها، توزعت على الشكل التالي:القسم الأول: الحيوانات الأليفة وغير الأليفة، تبتدأ من الصفحة 6-54 أي 48 صفحة وذكر فيها اسم 113حيوان.

  • القسم الثاني: الطيور ويبتدأ من الصفحة 55-99 أي 44 صفحة وذكر فيها 98 اسم طائر.
  • القسم الثالث: قسم الحيوانات البحرية من الصفحة 100حتى 123 وذكر فيها اسم 55 نوع حيوان بحري.
  • القسم الرابع: قسم الحشرات من الصفحة 124 إلى 138 وذكر فيها اسم 40 نوع من الحشرات.

يلي ذلك خاتمة ثم ارشيف الصور من تونس وأندونيسيا من الصفحة141 إلى الصفحة 161 ونجد فيها  39 صورة لحيوانات.

يضم المعجم فهرساً ومصادر ومراجع باللغتين العربية والأجنبية تليه الصفحة الأخيرة التي يوجد فيها تعريف بالمؤلفين.

اعتمد مؤلف المعجم في التعريف بالحيوانات موضع الدرس، بذكر اسم الحيوان ومرادفه باللغة الإنكليزية وبعض التسميات الشائعة في أماكن أخرى من العالم، مع ذكر الاسم العلمي، ومواصفات الحيوان الشكلية وبعض طبائعه مثل القنص والاصطياد والتكاثر وتسمية صغار الحيوان، كما نجد ورود بعض الحيوانات النادرة والفصائل المنقرضة والأنواع الغريبة.

مضافاً إليها صوراً تبين هيئة الحيوان أو الحشرة أو الطائر.

وللصور كما نعلم مزايا عدة فهي أكثر وصفية من العبارة وأكثر إفصاحاً من التعريف اللغوي، وبها نستطيع تمييز الأشكال المتعددة للنوع نفسه كما أنها ذات مظهر نفسي وتربوي، فللشواهد الصورية أثرها في ربط الألفاظ بمدلولاتها الحقيقية ومن ثم تثبيت هذه المدلولات في ذهن القارئ أو في ذاكرته وسرعة استحضارها عند الحاجة، لما لدور الصورة من أهمية في تسريع الاحتفاظ بالمعلومة. فالصورة أو الرسم يلعبان دور المرادفة في الشرح أو التعريف بالمرادف بالنسبة إلى اللفظ العام.

نجد أيضاً إضافة بعض مسميات الأصوات من قبل المؤلف مثل ( الوقوقة)-( الأميم وهو صوت الأيل)، حيث اعتمد المؤلف ملاحظته الشخصية والمباشرة للحيوان.

ولم يكتف المؤلف بالمراجع البسيطة وإنما عمد إلى الموسوعات العلمية المعروفة والمعاجم المختصة  ، كذلك البرنامج الوثائقي ناشونال جيوغرافيك لما فيه من إضاءات تفيد في هذا المجال، كما تم البحث في البلاد التونسية وأندونيسا وجمع مصادر مصورة ومكتوبة حسب ملاحظات لمختصين في علوم الحيوان.

تضمن المعجم هوامش زادت من قيمة المادة العلمية المقترحة للمعجم لما فيها من جديد ومعلومات مضافة ومهمة.

أخيراً لا يعرف أحداً كم عدد الحيوانات الموجودة في العالم، فقد تمكن العلماء من تصنيف أكثر من مليون نوع ولكنه يكتشف كل عام بضع مئات من الأنواع الجديدة، يتم تصنيفها بحسب سلوكها مع البشر، وبشكل عام الحيوانات جزء مهم من النظام الطبيعي الفريد، وهي جزء من التوازن البيئي أو ما يسمى بشبكة الحياة، والذي يدفع الإنسان للحفاظ على هذا التوازن من اجل حياة سليمة ودائمة للأجيال القادمة، وبحماية الحيوان( الأليف والشرس) حماية لقوانين الطبيعة( الخوف من الانقراض يخل بالتوازن البيئي).

ومما نعرفه أيضاً أن علاقة الإنسان بالحيوان هي الصيد والاستفادة منه إلى أقصى حد(الغطاء_ اللباس- الأدوية –النقل- اجانب النفسي- للديكور – الألوان…………)

مع ذلك فالإنسان قام بحماية مملكة الحيوان والإضافة إليها عن طريق التهجين الذي عمل على تقوية بعض أصناف الحيوانات والحفاظ على مقوماتها الطبيعية وتحسينها.

 إن إصدار معجم ليس بالعمل السهل، خاصة المعاجم المختصة بميدان علمي ما، لما فيها من بحث ومعاناة للوصول إلى المعلومات المتفق عليها او يقع الاتفاق عليها لغوياً ومعرفياً  والتي تسعى للتوافق مع ما تطرحه معاجم أخرى  بصيغة لايختلف عليها أحد.

 

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You cannot copy content of this page

X