يطرح جاك دريدا سؤالًا فلسفيًا مهمًا في كتابه الحقيقة في الفن. ما الذي يجعلنا نقول عن شيء ما إنه “عمل فني”؟ وهل يمكن فصل العمل عن إطاره أو عن العناصر التي تحيط به؟
هنا يظهر مفهوم الباررغون (Parergon)، أي ما يوجد على حدود العمل الفني: مثل إطار اللوحة، غلاف الكتاب، أو قاعدة التمثال. هذه العناصر ليست جزءًا من العمل الفني بالمعنى الدقيق، لكنها أيضًا ليست خارجه تمامًا. إنها “بين-بين”، وسيطة، تجعلنا نعيد التفكير في الحدود بين الجوهر والزينة.
لكن، هل هذه الفكرة ما زالت صالحة في عصر الفنون ما بعد الحداثة؟ الكثير من الفنانين تجاوزوا هذا السؤال. فالفن المفاهيمي، فنون الوسائط، والتجهيز (Installation Art) لم تَعُد ترى في الإطار “زينة”، بل جزءًا من العمل ذاته. أحيانًا يصبح الإطار هو العمل، كما نرى عند كريستو وجان-كلود حين غلفا المباني والجسور.
إذن، بينما كشف دريدا أن “الهامش” لا يمكن فصله عن “المتن”، جاءت الفنون ما بعد الحداثية لتقول: لا وجود أصلًا لهامش ولا متن، بل هناك شبكة مفتوحة من العلاقات والتجارب. هناك اطار غير منظور
إطار مفهومي: الفكرة التي يقوم عليها العمل .
إطار اجتماعي: الجمهور، المكان الذي يُعرض فيه العمل، المؤسسات الثقافية والمتاحف.
إطار فكري/نقدي: التيار الفني أو النظري الذي يحدد كيف يُقرأ العمل (ما بعد البنيوية، ما بعد الاستعمار، النسوية، إلخ).
إطار تقني/وسائطي: كالتقنيات الرقمية، الواقع الافتراضي، الإنترنت، وهي أيضًا حدود تؤطر العمل.
نستطيع ان نقول أن الباررغون لم يختف لكن قد تغير شكله مع فنون مابعد الحداثة أصبح أكثر تجريدًا ومرونة، لكنه ما زال يحدد معنى العمل الفني. .