نشات الأعمال الفنية المبكرة في الحضارات القديمة قبل الميلاد وبعده، خدمة لشعائر دينية تتطلبها طقوس التعبد والتضرع للآلهة، ماأدى إلى اقتصار دور الفن على خدمة الدين وطقوسه، إما بتمثلات مباشرة أو غير مباشرة عن طريق استخدام الشكل ” الرمز” بما يحمله من دلالات روحانية بعيدة. يقول هيغل ” إن الرمز شيء خارجي مباشر يخاطب حدسنا بصورة مباشرة، ولكن هذا الشيء لايقبل كما هو لذاته وإنما بمعنى أوسع وأعم كثيراً وهو هنا يميز بين مدلول الرمز وتعبيره، فالمدلول مرتبط بتمثل موضوع ما مهما كان مضمونه، أما الجانب التعبيري فهو يعبر عن وجود حسي أو صورة ما والرمز يستخدم كوسيلة للتعبير فيوحي بالمعنى المراد منه ولكنه لايفصح عنه، إذاً هو يقوم بدور التجسيد المادي بينما مغزاه هو المضمون”1. ولذلك لابد للرمز كي يكون أكثر تأثيراً وأبلغ في رسالته، أن يتسم بصلة روحية اعتقادية بمغزاه، الذي يتوارى خلف الشكل الماثل للعيان.
-الصليب: يمثل أكبر الرموز المسيحية رغم تغير مدلولاته، فهو عند اليهود يدل على الكلمة الإلهية وعند الإغريق كان يتخذ بالنسبة للإسم الأول الإغريقي للمسيح وفي كلا الحالتين كان يتعلق بتكريس المعمد إلى المسيح، والصلبان رمز المسيحية خاصة إذا كانت مترافقة مع رموز مسيحية أخرى كالحمل والسمكة، وكان يصور أيضاً بصورة طائرين متقابلين، حمامتين أو طاووسين، أما بالنسبة للمسيحية القديمة فقد كان الصليب يعتبر كمركز للقوة الإلهية.
نرى أيضاً في تصاوير الأيقونات والمنمنمات المسيحية هالة على رأس المسيح، بمعنى آخر إذا رأينا شخصاً مرسوماً فوق رأسه هالة وعليها رسم الصليب فهو المسيح، يوجد أيضاً الصليب المعقوف الذي يرمز للحركة اللانهائية أو الأبدية والاستمرارية، حسب تناوله والاعتبارات التي تدور حول مغزاه، في الزمان والمكان، ظهر الصليب المعقوف في إيران وفي الهند البوذية وظهر في مناطق أخرى مع الأخذ بالاعتبارات نفسها كونه يمثل الرقي والصفاء العرقي…. إلخ.
-المثلث: ويعبر عن التوازن بين القوة التي تعلم والجمال الذي يزين والحكمة التي توفق.
-الهالات: توجد فوق رؤوس الأشخاص الذين لهم مكانة دينية بارزة مثل القديسين والملائكة ولكن الهالة التي تميز شخص المسيح يوجد عليها رسم الصليب.
-القوس: هو رمز تشريفي وطريقة لتشريف الموضوع أو رمز العبور.
-الأبواب: رمز العبور فهو باب ينفتح على مملكة الله وفن البوابات الأيقونية مكرس خاصة لمجد وعظمة الرب، أما في العصر البيزنطي فهو رسولي جزء منه ملائكي وعند المسيحيين الباب يمثل المسيح. نجد عند يوحنا(1-9) “باب يفسح للمدينة المقدسة أورشليم السماوية” ويضيف متى (7-13-4) “ضيق هو الباب الذي يوصل للحياة”.
-النبات: شجرة الحياة تزين كثير من الكنائس وهي رمز الخصوبة والربيع.
-الطيور: هي رمز للتسامي الروحي مثلاً العصفور يمثل الروح وهو رمز استعمله المسيحيون للأخذ به في فن الأيقونات وتؤكد المقولات أن الروح تطير في لحظة الموت مشابهة للنسر، وعصفور في قفص رمز للروح الحبيسة في الجسد مثل الموت.
-الحمل: يمثل رمز الحمل في العهد الجديد رمزاً للمسيح، الذي ضحى من أجل البشرية والذي أسلم للموت بوداعة الحمل، عندما قال يوحنا المعمدان ( هاكم حمل الله) وهو يشاهد يسوع المسيح وغالباً ما تمثل النقوش والفسيفساء وتماثيل المسيح تحت مظهر الراعي الصالح، حاملاً بين ذراعيه حملاً أو على كتفيه بضورة خاصة أو قائمة برعاية الغنم والخراف، عندئذ تكون رموز الإنسانيين والمسيحيين وبدقة أكثر الرسل، عندما يكون عدد النعاج(12) وغالباً ما كانت النواويس المسيحية تحمل صورة راع طيب.
-الأسد: أسود تخاطر بافتراس الغنمة، رمز مسيحي يمثل رمز الشر، ينتصر عليها الراعي الصالح رمز المسيح.
البيضة: رمز للقيامة رغم منع هذه العقيدة وأيضاً تمثل رمزاً للبعث.
-الحصان: رمز شمسي يرمز للقوة.
-الحصان المجنح: رمز موجود على الكنائس المسيحية ومدلوله غامضاً.
إن الرموز الواردة سابقاً تعتبر من ركائز الفن المسيحي القديم، حيث نجدها في كل التصاوير من أيقونات وفسيفساء ومنمنمات … إلخ. وهي تمثل جماليات الفن المسيحي، التي نجدها أيضاً في الفن المسيحي الحديث والمعاصر، وقد اتخذت أبعاداً رمزية أخرى، ساعد في ذلك اعتماد التقنيات القديمة في التعبير الفني، فاستخدمها الفنان في التعبير عن موضوع ديني أو قام باستعارة الرمز فقط والاستفادة من مدلولاته للتعبير عن موضوع معاصر.
المراجع
1- هيغل، جماليات الفنون وفلسفة تاريخ الفن عند هيغل،ط1 المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 1992. ص21.
ملاحظة: جميع تفسيرات الرموزمأخوذة من كتاب، الرموز في الفن، الأديان، الحياة لمؤلفه فيليب سيرانج، ترجمة عبد الهادي عباس.