تمثلات الجسد الإنساني في الفن التشكيلي

قام الإنسان بتشريح الجثث وتقطيعها لكشف أسرار الجسد البشري، لكن معضلات شتى ظهرت بالنسبة للفنانين مثل العروق تحت الجلد الشفاف، لون احمرار في بعض المناطق، والتلونات الكثيرة للجسد في حالة الموت والحياة والفرح والغضب، بالإضافة إلى التلون العرقي والاختلافات في الحجم والجنس والعمر والنوع.

مثل الإنسان ذاته دائماً مثل إله ضغير فهو يمثل الإله على الأرض، بالتالي ارتبط الجسد بالآلهة لفترة طويلة، وقد سعى الفنانون لتمثيل آلهتهم وفقاً لقوانين محددة جيداً، رغم ذلك تنوعت طروحات الجمال في الفن التشكيلي، وانتقل من الجمال اليوناني إلى الجمال الوحشي، والجمال المعاصر الذي سينشأ جسداً مغايراً مع تقدم التقنيات الرقمية.

سنورد فيما يلي تطور الرؤية وتمثلات الجسد عبر تاريخ الفن.

  • الجسد في عصر ما قبل التاريخ: إن عصور ماقبل التاريخ قد مثلت أجساد الآلهة مثل عشتار وفينونس ولاندروف، بهيئة ضخمة وسمينة جداً لإبراز صفات الخصوبة والحاجة إلى استمرارية النوع، فمنطقة الحوض عند المرأة ضخمة بشكل مبالغ به كذلك ثدياها تعبيراً عن العطاء والأمومة.
  • الجسد في الفن المصري: يرسم المصريون الجسد في مشاهد معينة، الرؤوس والأطراف بشكل جانبي اما الكتفين فهما أماميان، وهو جسد متعدد الظواهر.
  • الجسد عن الإغريق: يظهر ذلك من خلال أجسام الرياضيين وأنصاف الآلهة (هرقل) ومن خلال تأسيس عبادة الأبطال الخارقين، وتصور النساء ممتلئات الجسم ، فالجسد الأنثوي يبدو متناغم وبصحة جيدة، ولكن شكل الهيكل العظمي يحمل وركين عريضين وهي صورة تحمل في طياتها قدرات الإنجاب.
  • الجسد في عصر النهضة والعصور الوسطى: يرتبط الحرمان من الطعام في العصور الوسطى بالروحانية من أجل العيش على صورة المسيح، واستئصال الخوف من الجحيم في اذهان الناس، همذا ظهرت في نهاية العصور الوسطى منمنمات”فان إيك”Van Eyek” التي تظهر فيها أجساداً أنثوية مدببة ورقيقة وغالباً ما تكون باهتة، حيث تقترب لوحاته من الأيقونات الدينية باجتماع عالمان، العالم الإلهي والمقدس والعالم الدنيوي والإنساني، كثير من فناني عصر النهضة حافظوا على موروث فن العصور الوسطى.
  • الجسد في عصر النهضة: وضع الإنسان في قلب الاهتمامات الفلسفية والدينية والفنية، فيجب ان تكون المرأة جميلة وشابة وذات صحة جيدة لتوفير الخصوبة وإدامة النوع، يرفض فنانوا عصر النهضة قوانين العصور الوسطى، ويستلهمون قواعد النحت اليوناني( العضلات والتشريح أقرب للواقع، دراسة الضوء) لأنه يعطي تأثيراً دراماتيكياً ومعقولاً للمشهد، بوجود الضوء تقترب اللوحة من التمثال وهي تعتبر مقدمة لحركة الباروك.
  • الجسد في فن الباروك: يتميز بالعودة إلى الطبيعة في تصوير الأجساد، بالإضافة إلى إكسابها حركية ذات قوة عاطفية قوية.
  • الجسد في فترة الكلاسيكية الجديدة: أعادت الكلاسيكية التقاليد القديمة التي رسمت الأجساد المثالية ذات المنحنيات المثالية، تم ذلك في القرن 17-19.
  • الجسد في عصر الرومانسية: تمثل لوحة اوجين دولاكروا” الحرية تقود الشعب) 1830م، تعظيماً للجسد من خلال أفعال نبيلة، وذلك بالتعبير عن المشاعر الداخلية.
  • الجسد في عصر الرمزية: يختلط الجسد مع مشاهد وأشكال تتحد مع بعضها لتؤلف رموزاً ذات أبعاد تفسيرية قوية، ( لوحة كليمت : ثعبان البحر)
لوحة ثعابين الماء، كليمت.
  • الجسد مثل” قياس او نسبة”: وهو مبدأ معماري اخترعه “لوكوربوزييه عام 1944، حيث صمم وحدات سكنية تقوم على أساس القياس البشري، وبالتالي يعتقد أنه خلق نظاماً أكثر تكيفاً من النظام المتري لأنه يرتبط مباشرة بمورفولوجية الإنسان( البشرية) ويأمل ان يرى يوماً استبدالاً لهذا الأخير.
  • التكعيبية وتماهي حدود الجسد: قام بابلو بيكاسو بتفكيك الجسد لإعطاء تعبيرات جديدة، فالتكعيبية مبدؤها تحطيم حدود الشكل، وبالتالي فهو يشوه الشكل الإنساني بوحشية، ولايخرج عن الأشكال المستوحاة من الواقع. لذلك يعتبر بيكاسو فنانماً قد منح وجهاً جديداً للرسم.
  • السريالية والجسد الهجين: فالجسد يتحول وتعاد ضياغة أجزاؤه وتفاصيله بما يتناسب مع الفكرة الميتافيزيقية او الأحلام والكوابيس التي ترسمها السريالية، ليتحول إلى وحش أو تستعمل أجزاء منه فقد بما يفيد دلالات الرسم.
  • الجسد مثل إحساس وانفعال: ( الإحساس هو ما رسمت، إن ما يتم رسمه في اللوحة هو الجسم، ليس بقدر ما يتم تمثيله ككائن، ولكن يقجر ما يتم اختباره كأنه يعاني من هذا الإحساس” جيل دولوز، فرنسيس بيكون، منطق الإحساس”.
  • الجسد المجزء: الجسد مثل جزء، حيث يتم تصوير او رسم او نحت جزء وتضخيمها من أجل دلالة ما.
  • الجسد كغياب: حيث يصبح الجسد أداة، وفرشاة يستخدمها الفنان” إيف كلان” في صنه لوحاته،
  • الجسد محرك العمل التشكيلي: يتظاهر بفضل الإيماءان والعلاماتوالألوان” جاكسون بللوك”.
  • جسد المشاهد: اي مشاركة المتلقي في إنجاز وتمظهر العمل الفني” مارسيل دوشامب” وإجبار المشاهد على الرؤية من ثقب الباب.
  • الجسد المفاهيمي: هو جسد يتحول مع متطلبات مراحل العمل الفنية ومتطلبات الفكرة التشكيلية.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You cannot copy content of this page

X