العمل (Ergon) والباررغن (Parergon): أين يبدأ الفن وأين ينتهي؟
العمل (Ergon) والباررغن (Parergon): أين يبدأ الفن وأين ينتهي؟
يستحضر جاك دريدا في كتابه الحقيقة في الفن مفهوميْن محورييْن: العمل (ergon) و الباررغن (parergon). هذان المصطلحان يفتحان سؤالًا فلسفيًا معقدًا: ما الذي يُشكّل العمل الفني حقًا؟ وأين ينتهي حدّه؟
🔹 Ergon: جوهر العمل
الـ ergon هو ما نعتبره عادة “العمل الفني نفسه”: اللوحة، المنحوتة، النص الأدبي. إنه المركز، أو ما نميل إلى تسميته “الأصل”.
🔹 Parergon: ما على الحافة
معنى الباررغن (Parergon)
الكلمة من أصل يوناني: παρέργον = ما يوجد “بجانب العمل” أو “خارج العمل”.وقد ناقشها دريدا خصوصًا في كتابه La Vérité en peinture (الحقيقة في الفن، 1978).
حيث طرح تساؤلات عديدة وكان يعلّق على فكرة “العمل الفني” عند الفلاسفة (خاصة كانط)، حيث يُطرح سؤال:
ما الذي يُشكّل “العمل الفني” نفسه؟وما الذي يُعتبر إضافة أو تزيينًا خارجياً؟
أما الـ parergon فهو ما يحيط بالعمل: إطار اللوحة، قاعدة التمثال، غلاف الكتاب. للوهلة الأولى قد يبدو مجرد “زينة” أو إضافة خارجية، لكنه ليس غريبًا تمامًا عن العمل؛ إذ بدونه قد لا يكتمل حضور العمل ولا إدراكه.
✨ المفارقة عند دريدا
يطرح دريدا فكرة علاقة الإطار ( الباررغن)بالعمل الفني فهو ليس داخل العمل، لكنه أيضًا ليس خارجه كليًا.فهو عنصر بينيّ يزعزع الحدود بين الجوهر والهامش.بمعنى آخر، ما نعتبره “ثانويًا” يكشف أنه شرط أساسي لفهم العمل.
🖼️ مثال مبسط
نأخذ لوحة الموناليزا: Ergon = الصورة التي رسمها ليوناردو دافنشي. Parergon = الإطار الخشبي الذي يعرضها في المتحف. اللوحة قد تُرسم دون إطار، لكن لا يمكن عرضها في المتحف ولا إدراكها كـ “تحفة” من دونه.
📌 الخلاصة
التمييز بين ergon و parergon عند دريدا لا يهدف إلى وضع حدود صلبة، بل إلى إظهار هشاشة هذه الحدود. فما يبدو “إضافة” قد يكون جزءًا لا يتجزأ من معنى العمل الفني.
👉 سؤال مفتوح للقارئ: هل يمكن اليوم، في زمن الفنون المعاصرة والرقمية، أن نتحدث فعلًا عن “عمل فني” مستقل عن سياقه وإطاره، أم أن كل عمل هو شبكة من العلاقات والإحالات لا تنفصل عن محيطها؟