- Posted by خولة قلعه جي
- 17 مارس 2024
الترميم والصيانة conservation -Restauration
أول ما يتبادر إلى ذهننا هو السؤال عن مفهومين اثنين يطرحهما العنوان المقترح
، وهما الترميم والصيانة، اللذان يأتيان مترافقين دائما لأن مدلول” الترميم” قد
يؤدي بنا إلى ميادين علمية أخرى، تختلف عن مجال دراستنا، لذلك يجب أن نحدد الإطار
المعرفي الذي يجب أن نبحث في إطاره مفهوم الترميم والصيانة.
تأتي هاتين المفردتين في اللغات الأجنبية كمترادفتين لعملية تجريبية ميدانية
بحتة( conservation-restauration ) تخص التراث الثقافي المادي، لكن للبحث
متطلبات، مثل الخوض في هذين المصطلحين منفصلين ودراستهما دراسة تحليلية تشبع
جوانبهما التي نحتاجها في التوظيف المعرفي لهما، سواء في عملية ترميم أو حفظ أو
صيانة أو القيام ببحث يخص ميدان الترميم عموماً. إذاً: سوف نطرح عدة تساؤلات عن:
– ما معنى الترميم؟.
– ما معنى الصيانة؟.
– هل نكتفي بهذين المصطلحين أم هناك مفاهيم ومترادفات سوف تدخل في
إطار التعريف المفصل لهما؟.
– ماذا عن تطور تلك المفاهيم وأثره في الدراسات الحديثة والمعاصرة؟.
– هل نشأت مفاهيم جديدة ناتجة عن عملية تحديث المواد والفكر الترميمي
الذي سنرى فيما بعد نشاته وتطوره وتفاصيل مراحله وتفرعاته وتنوعاته؟.
مرادفات المصطلح
يعترضنا مفهوم الحفظ، الحفظ الوقائي، الحفظ بالتدخل، الاستعادة، الممتلكات الثقافية.
واصطلاحات لغوية قد تناسب عملية ترميمية ولا تناسب أخرى، نعتبرها
فرصة للطالب والباحث للقيام بتحيين معارفه واستنتاج مفاهيمه بعد اطلاع على غالب
ماكتب عن الترميم والصيانة ومن خلال التجربة والتحليل والاستنتاج.
نشأة علم الترميم
إذاً: ما معنى الترميم وما معنى الصيانة ومتى نقوم بالترميم وكيف نقوم بالصيانة؟..
يتبادر إلى ذهننا البدايات الأولى ومدى دقة تحديد أو نضج المسار في مجال الترميم.
ينسب العلماء نشوء علم يخدم بطريقة مباشرة التراث الإنساني إلى القرن العشرين،
ويتمثل هذا العلم في (علم صيانة الآثار) الذي اكتملت حيثياته وملامحه وأسسه بعد أن كان عبارة عن تجارب فنية أو يدوية بسيطة لغايات تخص فريق العمل القائم بإصلاح ما تهدم وعلاج ماقد تلف بطرائق تتخذ مناهج عدة تتراوح بين الذاتية والموضوعية والأهداف
المعلنة وغير المعلنة، تحددها أهمية الأثر وقيمته المادية أو المعنوية. تبعت تلك التجارب بعض التوثيقات واستخلاص النتائج الهامة تشاركت فيها أبحاث علم الكيمياء ، التي وفرت محاليل وعلاجات جيدة ساهمت في حفظ التراث المادي وصيانته بعيداً عن التلف ومصادره المختلفة.
تبع ذلك إنشاء معاهد مختصة في تدريس علم الصيانة وترميم الآثار وغيره من العلوم المساعدة، وانتشار مراكز صيانة الآثار في كثير من بلدان العالم المتقدمة مع مطلع القرن
العشرين، التي تهتم بالمحافظة على الآثار وحمايتها من عوامل التلف المختلفة، أكد ذلك
أهمية هذا العلم في حفظ وصيانة المقتنيات الأثرية المادية أو الممتلكات الثقافية المحفوظة
داخل المتاحف أو خارجها.
تكونت أيضا فرق من الخبراء يقومون بتجارب علمية وميدانية تطبيقية يستخلصون من
نتائجها ما يطور خبرتهم وأعمالهم ويؤكدون موقع علم الترميم بين العلوم الأخرى)
الإنسانية والتجريبية(، فلقد حظي مصطلح الترميم Restauration وكذلك مصطلح صيانة conservation باهتمام العديد من الباحثين الأوربيين في ميدان ترميم الآثار في
العصر الحديث. وقد اتفق على معنى واحد دعمه أكثرهم .
مصطلح الترميم:
أطلق مصطلح الترميم على مجموعة الأعمال لتطبيقية التي يقوم بها المرممون من اجل حماية المبنى الأثري
من الانهيار أو التلف بالإضافة إلى إصلاح ماتلف من المقتنيات الفنية المختلفة.
أما مصطلح الصيانة:
فيطلق على الأعمال التطبيقية والبحثية التي يقوم بها المختصون
في صيانة الآثار في سبيل المحافظة عليها بشتى أنواعها وصيانتها من التلف في
الحاضر والمستقبل. مستعينين في سبيل ذلك ماوفرته لهم علوم الكيمياء والفيزياء وغيرها
من العلوم التجريبية من نتائج علمية وأجهزة حديثة يستخدمها المختصون في صيانة
الآثار، وكذلك فحص مكونات الآثار المختلفة وتعيين خصائصها الفيزيائية والكيميائية
وتحديد خطورة التلف الذي ألم بها ومظاهره المختلفة ، على أسس علمية واختيار أفضل
المواد الكيميائية وانسب طرق لعلاج وصيانة وحماية الآثار من التلف حاضراً ومستقبلاً.
وهكذا نجد ان مصطلح الصيانة في مدلوله أعم وأشمل من مصطلح الترميم وإن كان
مصطلح الترميم يعتبر أقدم استخداما من مصطلح الصيانة في ميدان الترميم وصيانة
الآثار.
بالإضافة للأهمية اللغوية لهذين المصطلحين فإنهما يوضحان في الوقت نفسه طبيعة
الأعمال والدراسات التي يقوم بها المختصون من اجل ترميم وصيانة الآثار، كما ان هذين
المصطلحين يدلان ايضا على التطور العلمي والتطبيقي الذي حدث في مجال الترميم
وصيانة الآثار عبر عصور التاريخ.
نستطيع القول أن مصطلح الترميم قديما نوعا ما لأنه أطلق على مجمل الأعمال البسيطة
التي كان يقوم بها المرممون في الماضي من أجل إصلاح ما تلف من الآثار والمقتنيات
الفنية، لكن في العصر الحديث وباعتماد أسس علمية وتطبيقات وأهداف واضحة يدل
عليها مصطلح صيانة خاصة باعتماد المجالات العلمية الأخرى) الكيمياء الفيزياء – – –
العلوم التجريبية(. ويمكن القول ان للكيمياء دوراً كبيراً خاصة عندما طور علماء الكيمياء
بعض المواد والمحاليل لمعالجة تلفيات وتراكمات المواد فوق الممتلكات الثقافية المختلفة
المواد( حديد –خشب برونز………….)عملت على تقوية البنية المادية للمقتنى الأثري، – –
فحسنت من مواده وحفظته أطول مدة ممكنة.
كان إشتقاق المصطلحين من الأصل اليوناني الذي يعني إصلاح وتدعيم، كما تدل الكلمة
على معنى آخر هو ( حماية الوطن من الأعداء)، ورد أيضا Restore ، في العديد من
المعاجم اللغوية التي أعدها اللغويون الأوربيون في القرنين 17 – 18 .
وقد قام “صامويل جوهانس” بتفسير كلمة (ترميم) في القاموس اللغوي الذي أعده عام
1755 م لتفسير الكلمات والمصطلحات الإنجليزية، بأنها تعني العمل الذي يعود به العمل الفني أو التحفة الأثرية التي تعرضت للتلف إلى حالتها الأصلية أو أقرب إلى ذلك.
يتفق المهندس المعماري “فيوليه لو دوك” مع “صامويل جوهانس” في تفسير مصطلح
الترميم حيث ذكر أنه يعني إصلاح ماقد تلف من المباني الأثرية ومحاولة إعادتها إلى
حالتها الأصلية قبل تعرضها للتلف كلما أمكن ذلك. وقد صرح عن مبادئه الأساسية في
النظرية الهندسية المعمارية( يحظر استخدام المواد التي تعتبر آنذاك جديدة كالحديد وقال
أنه يفضل الهيكل المعماري للمبنى على حساب الديكور والتاريخ) كما قال باعترافه
شخصيا “ترميم بناء ليس الحفاظ عليه أوالعناية به ،إما الإصلاح أو إعادة البناء والإصلاح في هذه الحالة تام، وهي حالة لاتستطيع ان تراها في معلم معطى”.
– أحب “لو دوك” أن يرجع كنيسة سانت دينيز 1846 لمستوى الديكور الأصلي وهي من النمط القوطي في العمارة، كما خطط لإعادة بناء الواجهة
الغربية، لكنها كانت عملية مكلفة للغاية.
– تتلخص نظرية فيوليه لودوك بما يلي ” إن ترميم مبنى هو أن تعيد تاسيسه في الوضعية الكاملة، والتي من الجائز أنها لم تكن موجودة أبداً في أي فترة
تاريخية”.