الميتا كتابية والأدب النسوي

       تحضر الكتابات النسوية التي تعالج قضايا المرأة بكثافة في المشهد الثقافي المحلي والعالمي،  فهي ليست مجالاً أدبياً فقط وإنما مجالاً ثقافياً، أنتجت ضمنه المرأة أدباً مغايراً، فهي تتوجه في كتاباتها إلى كيانات مجتمعية  تشكل فسيفساء من العادات والتقاليد ، كما أنها كتبت في مناخ أدبي وفكري يخضع للتمايز ولايخضع للنقد الموضوعي.

 تتفاوت نقدياته في إعطاء قيمة موضوعية لتلك النتاجات الذهنية، أو اعتبارها أدباً مع الميل إلى تصنيفها ووضع مسميات لها ” الأدب النسوي”، الذي يطرح مقابلاً أو أدباً ذكورياً أو يقلل من شأنه، حتى ولو كان موضوعه ” قضايا نسوية” ، لذلك نستطيع التساؤل عن ماوراء تلك السرديات، التي تدخل في العمق السيكولوجي للوعي الأنثوي، وهو ما تختصره عبارة “ميتا – كتابية” أي ماوارء الكتابة أو الكتابة عن الكتابة، فهي تطرح في هذين السياقين، وإذا إخذنا الأدب النسوي مجالاً للبحث، فهو أدب موجه إلى ماوراء الحياة الظاهرية للمرأة، ونضالاتها الذاتية والعميقة مع ذاتها والمجتمع وعلاقتها مع الآخر المقابل لها في الوجود، وهو ما يعتبر سردية تكشف وتتجاوز تابوهات عرضتها لآزمات خلال تاريخ طويل ، مثل  المساواة، تجارب الجسد والتحرر الجنسي، العنف الجسدي والجنسي، النزوح واللجوء، الصحة الإنجابية، التجنيد القسري، التزويج القسري، التمييز الجنسي، الاختفاء القسري…….إلخ.

 والميتا- كتابية تظهر في كثير من العناصر التي تساعد في تحديد وفهم النصوص الأدبية، مثل العنوان والغلاف، مقدمة وتمهيد من الممكن أن تشرح المفاتيح الرئيسية للقصة، لأنه في كثير من الحيان قدتغيب عن القارئ أمور كثيرة تمثل لب القصة ومبتغاها، مثل رواية وردة الإثم الحمراء” ماذا لو تاب الشيطان” للروائية الليبية وفاء البوعيسي، وهي كاتبة معاصرة، حيث يضطرنا أسلوب الكتابة المغرق في الرمزيات إلى الدخول في متاهة عرض للأحداث والتي سوف تنتهي إلى غاية أو هدف مضمر، قل من اكتشفه من القراء.

أيضاً تتمثل الميتا – كتابية في تقنيات الكتابة ذاتها، كذلك تكوين الشخصيات وخلفياتها ومقاصدها من خلال جملة المواقف المعلنة في الرواية.

بالإضافة كون الإبداع الأدبي فن يتداخل فيه الوعي واللاوعي ويتضافران لإنشاء عالم فوق سردي، يصف ويحلل ويعرض وقائع من أجل إثارة مخزونات الذاكرة ، التي نستطيع وصفها بالاستلاب والتعود والاجترار.

  عالجت المرأة تلك المنعكسات الاجتماعية والتاريخية في كتاباتها، باحثة في الصورة النمطية للمرأة أو التنميط المسلط عليها الذي أثار حالة من الوعي الجمعي، يفترض حيازته داخل مجتمعاتنا العربية، لإحداث صدمة معرفية وأخلاقية وكشف المستور وخلق أجواء لمراجعة تراثيات مازالت تؤرق صفاء الذهن العربي ومسلماته.

أمثلة على كاتبات نسويات ، نوال السعداوي ، فاطمة المرنيسي، غادة السمان وغيرهم.

  عندما نسأل عن الأدب النسوي، هل هو حالة وعي أو منجز متعثر، كأننا نسأل بطريقة أخرى عن التحديات التي تواجه هذا النوع من النتاج الأدبي، والتحديات التي تواجه من يقوم به كتابة ونشراً ونقداً ، بالإضافة للاتهامات التي ترافق أي نتاج أدبي نسوي، والتي تتمثل بوجود فجوة بين الأدب النسوي والواقع، ما ينتج عنه قصوراً في ذاك التمثيل ، ناتج عن وعي زائف ووهمي، عفوي، تأملي وتلقائي، حدسي.

يمثل الوعي شكلاً من أشكال معرفة الذات، وهو حالة إدراك، كما أنه يمثل علاقة الكيان الشخصي والعقلي بمحيطه وبيئته ويضم مجموعة من الأفكار والمعلومات والحقائق والأرقام والآراء ووجهات النظر والمفاهيم ذات العلاقة بكل ماهو مادي ومعنوي.

  الخاتمة:

يقول توفيق بكار محدداً إيجابيات الأدب النسوي في الواقع العربي مايلي:

“الإبداع النسائي قد ألقى أضواء جديدة على واقعنا، فكأننا أصبحنا مع هذا الإبداع النسائي ننظر إلى أنفسنا ومجتمعاتنا وتاريخنا بعينين اثنتين لا بعين واحدة، ونعيها بعقلين وندركها بحِسِّين” ويضيف تأكيداً لموقفه ” يقيني أن كاتباتنا قد أبدين و يبدين من الجرأة والشجاعة ودقة الشعور، مايفوق أحياناً جسارة الرجل”.

إذاً فالأدب النسوي حالة وضوح ووعي وإضاءة لجوانب لم يكتب عنها الكتاب نساءً ورجالاً، وهناك قول أستحضره للباحثة الجزائرية فيروز شام وهو “أن الثقافة العربية ساهمت في حجب صوت الأنثى لذلك لاتدخل الكتابة عند النساء من باب الهواية والتسلية بل هي ثورة على الوأد المستمر.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You cannot copy content of this page

X