حركة الفن الجديد Art nouveau

الفن الجديد:

  مع نهاية القرن التاسع عشر ، شهد العالم الغربي حركة فنية لم تقتصر على التصوير وحده ، بل شملت مختلف النشاطات الفنية الأخرى كالعمارة والنحت والفنون التطبيقية الحرف ،  ظهرت لأول مرة فى بلجيكـا في نهاية القـرن التاسع عشر ثم ما لبثت أن عمت كافة الدول الأوربيـة وقد عرفت تحت مسميـات مختلفة. عرفت هذه الحركة باسم ( الفن الجديد ( Art Nouveau أو ( الأسلوب الجديد ( Modern Style في فرنسا وانكلترا أو جوندستيل Jugendstil وتعني أيضا الأسلوب الجديد في ألمانيا والنمسا وسويسرا ، هاجسها التحديث مجاراة للتطور العام في المجالات العلمية والصناعية، وانسجاماً مع حاجات المجتمع الجديد ، هذه الحركة الفنية توقفت قبل أن يمضي عليها زمن طويل ربما لأنها لم تستطع التوفيق بين طبيعتها الرومانسية ورغبتها في التجديد ، أو لأنها لم تقدم حلولاً جذرية للمسائل المطروحة ، فمنذ سنة 1906 كان الفن الجديد قد أهمل كلياً ولم يلفت انتباه المؤرخين إليه إلاَّ بعد الحرب العالمية الثانية ، كما لم تنظم معارض خاصة بهذا النمط الفني في الغرب إلاَّ بعد سنة 1960 ، لذلك تبقى هذه المرحلة من أكثر المراحل غموضاً في تاريخ الفن . 

يحدد تاريخ ( الفن الجديد ) بالسنوات العشر الأخيرة من القرن التاسع عشر والسنوات الأولى من القرن العشرين، والفن الجديد ينطلق هو أيضاً من هذه الآراء داعياً لرفض التقاليد الأكاديمية وتوثيق الصلة بين الفنان والحرفي بالمساواة بين جميع الفنون والحرف، وتحويل هذه الفنون بحيث أنها تسهم معاً في تجميل أطر حياة الإنسان اليومية وتدخل إليها. في البيت والشارع البهجة و السرور ، وهو يدعو للمشاركة في الحركات الاجتماعية والالتزام بنضالات الطبقة العاملة رافعا شعار ( الفن للجميع ) ( الفن للشعب ) ( الفن الاجتماعي ) وغيرها من العبارات التي التزم بها فنانو 1900 هذه المفاهيم الجديدة تنعكس في تصريح هنري ريفيير سنة 1895 ” إنَّ طاولة جميلة لها أيضاً قيمة التمثال أو اللوحة “ هكذا فإن ( الفن الجديد ) يبدوا وكأنه التعبير الحسي عن تيار الفكر الجديد يتخطى الفن ليشمل المجتمع كله الذي بات هدفاً للتجديد بحسب عبارة مادسن ، إذن الفن الجديد هو حركة ذات طابع احتجاجي ورفضي ، تدعو لقلب المفاهيم الفنية والاجتماعية بتغيير الشكل والمضمون ونشر العمل الفني على نطاق الجمهور ، لذلك فهو يرفض الفن الزخرفي السائد ، يتوخى البساطة ويسعى للتخلي عن الإيهام البصري والتجسيم ليستعيض عنهما بأشكال مبسطة مسطحة ” فالفن الجديد يهتم بالخط ويرفض التقليد المباشر للطبيعة لكنه يبحث فيها عن قيم جديدة ينقلها إلى العمل الفني ” . ويلتقي الفن الجديد في كثير من منطلقاته العامة مع الحركات الفنية المعاصرة له . “كالرمزية ومدرسة البونت آفن والنبية ، وما تعرف باسم ما بعد الانطباعية ، فهو يلتقي معها في موقفها من الانطباعية نفسها ، وفي اهتمامه بالشكل والخط والمساحة بعيد عن المنظور التقليدي والوسائل الإيهامية الأخرى، تقدم في طريقة تأويل عناصر الطبيعةوتبسيطها في أشكال ذات طابع تجريدي نأخذ أحياناً مدلولاً رمزياً . 

كثرة الزخارف
استخدام الحديد في الفن الجديد
الفن الجديد في العمارة

تكتفي الأشكال في الفن الجديد ببعدين وخط والتركيز على الحدود الخارجية للأشياء المرسومة أو المصورة، أما العناصر التشكيلية المميزة في الفن الجديد فهي غنية ومتنوعة ، أخذت من العالم المرئي ، عالم الحيوان والنبات ، لكنها حولت إلى أشكال زخرفية تجريدية في الغالب ( مع فان دوفالد )خاصة.والهدف من محاكاة الطبيعة هنا ليس نقل الصورة وجعلها مرئية أو مقروءة ، فالمطلوب ترجمة هذه الطبيعة وتأويل أشكالها في مساحات وخطوط مبسطة ومختزلة تلتقي فيها الحركة تعرف باسم ( ضربة السوط ) لأن الخط ينتهي عند طرفه بالشكل الحلزوني الدائري أو البيضوي مع التعرجات والانحناءات اللونية والأشكال اللهبية الملتوية التي لا تخلو من إشارات جنسية وحس شهواني ، لذلك فإن اختيار هذه العناصر يخضع لمفهوم الأسلوب الجديد بما فيه من تعرجات واعوجاجات : كالزنبق النباتات الاغرابية ذات الجذور والسيقان الطويلة وكذلك النباتات البحرية (الطحالب ) ، والحيوانات البحرية التي توحي أجسامها بالحركة الملتوية كالإخطبوط،
فالفن الجديد الذي تجلى بشكل خاص في نطاق العمارة والفن الزخرفي هو بحسب تعبير “جان كاسو” ثورة ضد ( الذوق الكئيب ) وهو الذوق ( البرجوازي ) في فرنسا، ( المبتذل ) في ألمانيا ، ( المقوقع ) في روسيا ، ( الرث ) في أسبانيا . فكان لابد إذن من أسلوب جديد يكون أكثر تزييناً وزخرفة يشمل مختلف ظاهر الحياة اليومية والاجتماعية ويأخذ بالاعتبار المعطيات التقنية والمواد الجديدة ( الحديد ، الأسمنت أو الباطون المسلح ومن المآخذ على الفن الجديد هي : 
1. لم يلب التطلعات العامة في أوربا ، إذ تخطته النظريات الجديدة في مجالي العمارة والفنون التشكيلية . 
2. عجز عن حل مسألة العلاقة مع تطور الآلة والإنتاج الصناعي الكمي ، مكتفياً بدمج جميع الأشكال في إطار عام تزيني دون اهتمام كاف بطبيعة المواد لذا بدأ الفن الجديد في نظر البعض وكأنه مجرد نمط تزييني أخذ مكان النمط السابق . 
وهذا الواقع لا ينفي مطلقاً ما لهذه الحركة من أهمية سواء بالنسبة للأفكار التي تبنتها ونادت بها أما بالنسبة للأسلوب الفني وما قدمته من عناصر جديدة سيكون لها دور هام في تطور الفنون عامة ، فقد أسهمت هذه الحركة في تقييم شامل للتزيين الداخلي الفنون التطبيقية ووجهت الاهتمام نحو القيم
التشكيلية في العمارة وفي التصوير

ثر الفن الياباني بصورة واضحة على الفن الجديد حيث كانت المحفورات  اليابانية وكذلك الخزفيات الشرقية التي غزت الفضاءات الأوربية في منتصف القرن التاسع عشر وانتجت في نهاية الأمر لغة تشكيلية جديدة، ففي فرنسا استوحى “مانيه” “فان غوغ” “ماتيس” من الفنون الزخرفية العربية الإسلامية، في تنظيم الفضاء والزخرفة، وفنون الشرق الأقصى.

  الفن الجديد عبارة عن موقف تجاه احتكار الفن وتمرد على التاريخانية التي كانت سائدة في تلك الفترة، وجد الفن الجديد في فرنسا وبلجيكا وألمانيا،  بينما في اسكتلندا والنمسا كان أكثر واقعية أو أكثر تقشفا.

رفضت الحركة التقسيم التفاضلي للفنون، حيث قال هنري فان دو فالد” بوضوح حول الفن الزخرفي( نحن لانستطيع السماح بقسمة ترقى إلى التموقع مع فكر أعطى حلولاً حسب الترتيب التفاضلي، هناك فصل بين الفنون إلى فنون جميلة، وفنون درجة ثانية تمثل الفنون صناعية صغيرة).

الفن الجديد وأثره في العمارة
الفن الجديد وأثره في فن الديكور

-هنري فان دوفالد. Henry Van de Valde

   رسام ومعماري ومهندس ديكور،  مصمم أثاث، وباحث عن جماليات جديدة، بلجيكي، وهو أحد مؤسسي الفن الجديد في بلاده، تأثر بالفن في إنكلترا حيث نرى عنده أنعكاسات لأسلوب موريس وروسكين والحرف اليدوية الإنجليزية، يعتبر واحدا من المؤسسين الرئيسيين وممثلي الفن الحديث في بلجيكا.

    كان واحداً من أوائل المهندسين المعماريين أو مصممي الأثاث الذين قاموا بتطبيق الخطوط المنحنية بأسلوب تجريدي. وقد لقيت أعمال فان دو فالد و تصميماته القبول في ألمانيا و وصفت بالجيدة، عام 1899، استقر فان دو فالد في فايمر بألمانيا، حيث أقام في عام 1905 “مدرسة الدوقية الكبرى للفنون والحرف”، جنبا إلى جنب مع “دوق فايمر“. وهو الكيان الذي سبق تأسيس باوهاوس، التي عرفت في أعقاب الحرب العالمية الأولى و في نهاية المطاف حلت محل مدرسة الفنون والحرف، تحت إمرة المدير الجديد والتر غروبيوس، الذي اقترحه فان دو فالد . 

كان يلعب دوراً مهما في جمعية “ويركبوند” الألمانية ،التي تأسست للمساعدة على تحسين وتعزيز التصميمات الألمانية بإقامة علاقات وثيقة بين الصناعة والمصممين. 

  من أقواله “الأصل في الناجحين أنهم كانوا مصممين على ذلك، أما النجاح عن طريق الحظ فهو صدفة لا أكثر”.



Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You cannot copy content of this page

X