مدخل إلى المخطوطات العربية
كتاب من إعداد الباحثة خولة قلعةجي الجملي، أستاذة في شعبة فنون التراث الإسلامي. المعهد العالي لأصول الدين، جامعة الزيتونة.
تقديم
تعتبر المخطوطات العربية نفائس تعود إلى عصور ذهبية للحضارة الإنسانية، نهلت منها أعرق الأمم في العلوم والآداب والفنون عن طريق الترجمة الكاملة لكافة المخطوطات العربية إلى لغاتها الأم، لتصبح أساساً معرفياً كونياً، تم تدريسه في معاهد مختصة في اللغة العربية التي أعجب لها الغرب” ملوك فرنسا وإسبانيا وإيطاليا” لاسيما الفاتيكان الذي يمتلك أضخم عدد من المخطوطات العربية، المختصة في كافة المجالات وخاصة الدينية، وكذلك ألمانيا التي نقلت إليها مكتبة دمشق كاملة بما فيها من مخطوطات نفيسة.
تختلف المخطوطات العربية عن المخطوطات الغربية في تكوينها المادي شكلاً ومضموناً، حيث ترتب الأوراق والكراريس بطريقة خاصة ومغايرة، وكذلك شكل الغلاف الذي يحتوي على عناصر إضافية تحافظ على مادية المخطوط مثل ” اللسان” وهو عبارة عن قطعة صلبة القوام متصلة بالغلاف لها وظيفة العناية بأطراف أوراق المخطوط ، كما تعتبر إشارة لمكان التقدم في قراءة المخطوط من حيث عدد الأوراق. أما المحامل الكتابية التي كتب عليها باللغة العربية، نميز منها المحامل التي وجدت قبل الميلاد مع إجراء مقاربة مع الكتابات السابقة لها كالأبجدية الأوغاريتية “الفينيقية” وقد جاءت بعدها الآرامية ثم السريانية القريبة جداً في مفهومها الخطي من الكتابة العربية. نجد أيضاً المحامل الكتابية لفترة بعد الميلاد، ثم فترة قبل الإسلام والفترة الإسلامية التي تتميز بكونها فترة عطاء للبشرية جمعاء.
نشأت المخطوطات العربية وفق أطر ونظم وأدبيات، تهتم بكيفية و آلية النسخ والتدوين، يقوم بها أشخاص متدربون على النسخ، متضلعون في أنواع الخطوط العربية، إضافة إلى فنيين يقومون بالتصوير والزخرفة والتذهيب، وهي تقنيات تزيد من قيمة المخطوط العربي المادية، فالمخطوطات العربية تعتبر أعمالاً فنية لها ذائقية خاصة شكلاً ومضموناً، ما أتاح الفرصة لاقتنائها من قبل المستشرقين وإقامة معارض لها أمام العالم مفتخرين بكنوزهم، فقد توزعت المخطوطات العربية في جميع مكتبات دول العالم ، وبقي النذر اليسير في المكتبات العربية ، نتيجة الجهل أو التساهل في بيع التراث المكتوب لبعض الطامعين، فقد نشطت حركة شراء المخطوطات منذ القرون الأولى بعد الميلاد، واستمرت إلى القرن الخامس عشر ميلادياً، و تم نقلها من خزانة إلى أخرى بغية الحفاظ عليها من الحروب والحرائق.
مازالت خزائن حفظ المخطوطات في بلداننا العربية تحتوي على عدد لابأس به من كنوز المخطوطات النفيسة، نورد بعض الأمثلة في هذا الموجز كخزائن مكتبة الاسكندرية، وبعض الأمثلة عن خزائن المخطوطات العالمية الشهيرة جداً.
يعتبر هذا التقديم الوجيز الذي يعرف بالمخطوطات العربية مدخلاً موجهاً للطلاب الباحثين في هذا المجال، الذي تترامى أطرافه في أنحاء العالم، وهو يعرفنا بتاريخنا وكيفية الحفاظ عليه عملاً وعلماً وبحثاً، وطريقة استرجاعه عن طريق البحث العلمي، وإنارة السبيل لآخرين قد يسلكون طريق المعرفة ويضعون الأساس لهوية عبث بها الكثيرون ونالوا منها.
أرجو أن أكون قد وفقت في وضع حجر الأساس لمعرفة أكاديمية تعين على الدخول في عالم المخطوطات خاصة العربية منها.